[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وإلياس قد صَعِدَا (1) إلى السماء وهما حيَّان مكرمان لم تَشُكْهُما (2) شوكةٌ، ولا طمع فيهما طامع. والمسلمون مجمعون على أنَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - صَعِدَ إلى السماء وهو عبد محض، وهذه الملائكة تَصْعَد إلى السماء، وهذه أرواح المؤمنين تصعد إلى السماء بعد مفارقتها الأبدان، ولا تخرج (3) بذلك عن العبوديَّة، وهل كان الصُّعُود إلى السماء مخرجًا عن العبودية بوجه من الوجوه؟!!.
وإن جعلتموه إلهًا لأن الأنبياء سَمَّتْه إلهًا وربًّا وسيِّدًا ونحو ذلك. فلم يزل كثيرٌ من أسماء الله -عز وجل- تقع على غيره عند جميع الأممِ وفي سائر الكتب، وما زالت الرومُ والفُرْس والهندُ والسُّرْيَانِيُّون والعِبْرَانِيُّون والقِبْطُ وغيرهم يُسمُّون (4) ملوكهم آلهةً وأربابًا. وفي السفر الأول من التوراة: "أن بني الله دخلوا على بنات الناس ورأوهنَّ بارعاتِ الجمال فتزوجوا منهنَّ" (5) ، وفي السفر الثاني من التوراة في قصة المخرج من مصر: "إني جعلتك إلهًا لفرعون" (6) ، وفي المزمور الثاني والثمانين لداود: "قام الله لجميع الآلهة" (7) . هكذا في العبرانية، وأما من نقله إلى السُّريانيَّة فإنه حرَّفه فقال: "قام الله في جماعة الملائكة" وقال في هذا المزمور وهو يخاطب قومًا بالروح: "لقد ظننت أنكم آلهة