[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
في وجهه ويُنَادى عليه: هذا جزاء من لا يبني بيت أخيه (1).
فلم يَكْفِهم أن كذبوا عليه حتى أقاموه مقام الخزي وألزموه بالكذب والبصاق في وجهه والعتاب على ذَنْبٍ جرَّه غيره، كما قيل: وَجُرْمٍ جَرَّهُ سُفَهَاءُ قَوْمٍ ... وحَلَّ بِغَيْرِ جَارِمِهِ العَذَابُ (2) أفَلَا يستحي من تعيير المسلمين مَنْ هذا شَرْعُه ودِيْنُه؟!.
فصل ولا يستبعد اصطلاح الأمة الغضبيَّة على المُحَال واتِّفاقُهم على أنواع من الكفر والضلال، فإنَّ الدولة إذا انقرضت عن أمة باستيلاء غيرها عليها، وأَخْذِ بلادها: انطمستْ حقائقُ سالفِ أخبارِها، ودَرَسَتْ معالِمُ دينها وآثارها، وتعذَّر الوقوف على الصواب الذي كان عليه أوَّلُوها وأسْلَافُها، لأنَّ زوال الدولة عن الأمة إنما يكون بتتابعِ (3) الغارات، وخراب البلاد وإحراقِها وجلاءِ أهلها عنها، فلا تزال هذه البلايا متتابعةً عليها إلى أن تستحيلَ رسومُ دياناتها، وتضمحلَّ أصولُ شرعها، وتتلاشى قواعدُ دِيْنها. وكلَّما كانت الأمة أقْدَمَ واختلفتْ عليها الدول المُتَناوِلَةُ لها بالإذلال والصَّغَار كان حظُّها من اندراس دينها أَوْفَرَ. وهذه