
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وطاعتهم للخارج على ولد سليمان بن داود لما وضع لهم كبشين من ذهب فعكفت جماعتهم على عبادتهما، إلى أن جَرَتْ الحرب بينهم وبين المؤمنين الذين كانوا مع ولد سليمان، وقُتِل منهم في معركةٍ واحدة ألوفٌ مؤلَّفة.
أفلا يستحي عُبَّاد الكباش والبقر من تعيير الموحِّدين بذنوبهم؟!.
أَوَلا تستحي ذرية قَتَلَةِ الأنبياء من تعيير المجاهدين لأعداء الله؟! فأين ذريةُ مَنْ سيوفُ آبائهم تقطر (من دماء الأنبياء ممن تقطر سيوفُهم) (1) من دماء الكفار والمشركين؟!.
أوَلَا يستحي من يقول في صلاته لربِّه: انتبه كم تنام يا رب استيقظ من رقدتك، ينخيه بذلك ويحمّيه، من تعيير من يقول في صلاته: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2 ) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
فلو بلغتْ ذنوبُ المسلمين عدد الحصا والرِّمال والتراب والأنفاس ما بلغتْ مبلغ قَتْلِ نبيٍّ واحد، ولا وصلتْ إلى قول إخوان القردة (2) : {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: 181] وقولهم: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30] وقولهم: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18].
وقولهم: إنَّ الله بكى على الطوفان حتى رَمِدَ من البكاء، وجعلت الملائكةُ تعوده، وقولهم: إنه عضَّ أنامله على ذلك، وقولهم: إنه ندم على خَلْق البشر وشقَّ عليه لما رأى من معاصيهم وظلمهم. وأعظمُ من