[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقال: إن هؤلاء (القوم قد) (1) عظَّمونا ورأسونا وموَّلونا فلو اتبعناه لنزعوا ذلك كلَّه منا. وهذا قد رأيناه نحن في زماننا وشاهدناه عيانًا.
ولقد ناظرتُ بعض علماء النصارى معظم يومٍ فلما تبيَّن له الحقُّ بُهِتَ، فقلت له -وأنا وهو خاليين-: ما يمنعك الآن من اتِّباع الحقِّ؟ فقال لي: إذا قدمت على هؤلاء الحمير -هكذا لفظه- فرشوا لنا الشِّقاق تحت حوافر دابَّتي وحكَّموني في أموالهم ونسائهم ولم يعصوني فيما آمرهم به، وأنا لا أعرف صَنْعة، ولا أحفظ قرآنًا ولا نحوًا ولا فقهًا، فلو أسلمتُ لدُرْتُ في الأسواق أتكفَّف الناس، فمن الذي يطيب نفسًا بهذا؟! فقلت: هذا لا يكون، وكيف تظن بالله أنك (إذا آثرت) (2) رضاه على هواك يخزيك ويُذِلُّك ويحوجك؟! ولو فرضنا أنَّ ذلك أصابك فما ظفرتَ به من الحق والنجاة من النار ومن سخط الله وغضبه فيه أتمُّ العِوَض عما فاتك.
فقال: حتى يأذن الله.
فقلت: القَدَرُ لا يُحْتَجُّ به، ولو كان القدر حُجَّةً لكان حجةً لليهود على تكذيب المسيح، وحجةً للمشركين على تكذيب الرسل، ولاسيما أنتم تكذِّبون بالقدر فكيف تحتَجُّ به؟ فقال: دعنا الآن من هذا. وأمْسَكَ.