[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقال من قال منهم في وجهه: نشهد أنك نبيٌّ فقال: "ما يمنعك من اتباعي"؟ قال: إنا نخاف أن (يقتلنا يهود) (1) . وقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 96، 97]. وقد جاءكم بآيات هي أعظم من بشارات الأنبياء به وأظهر؛ بحيث إنَّ كل آيةٍ منها يصلح أن يؤمنَ على مِثْلها البَشَرُ، فما زادكم ذلك إلا نُفُورًا وتكذيبًا وإباءً لقَبول الحقِّ، فلو نزَّل الله عليكم ملائكته (وكلَّمكم الموتى، وشهد له بالنبوة كلُّ رطْبٍ ويابس) (2) لغلبت عليكم الشِّقْوةُ (3) وصرتم إلى ما سبق لكم في أمِّ الكتاب.
وقد رأى من كان أعقلَ منكم وأبْعَدَ من الحسد مِنْ آيات الأنبياء ما رأوا وما زادهم ذلك إلا تكذيبًا وعنادًا، فأسلافُكم وقدوتكم في تكذيب الأنبياء من الأمم لا يحصيهم إلا الله حتى كأنكم تواصيتم بذلك؛ أوصى به الأول للآخر، واقتدى فيه الآخر بالأول.
قال تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 52، 53].
وهبنا ضربنا عن إخبار الأنبياء المتقدمين صَفْحًا أفليس في الآيات والبراهين التي ظهرت على يديه ما يشهد بصحة نبوته؟ وسنذكر منها بعد الفراغ من الأجوبة طرفًا يقطع المعذرة ويقيم الحجة (4) . والله المستعان.