[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
عليه-؟ فلو اجتمع أهل الأرض لم يقدروا أن يذكروا نبيًّا جَمعَ هذه الأوصاف كلَّها -وهي باقية في أمته إلى يوم القيامة- غيره: لم يجدوا إلى ذلك سبيلًا.
فقوله: "عبدي" موافق لقوله في القرآن: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: 23]. وقولهِ: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1]، وقوله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [الجن: 19]. وقولهِ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1]. وقولُه: "وخيرتي ورضى نفسي" مطابقٌ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله اصْطَفَى كنانةَ من ولدِ إسماعيلَ، واصطَفَى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريشٍ، واصْطَفَاني من بني هاشم" (1) .
وقوله: "لا يضحك" مطابقٌ لوصفه الذي كان عليه - صلى الله عليه وسلم - قالت عائشة: "ما رأيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكًا حتى تَبْدُوَ لَهَواتُه، إنَّما كان يتبسم تبسُّمًا" (2) ؛ وهذا لأنَّ كثرة الضحك من خفة الروح ونقصان العقل، بخلاف التبسُّم فإنه من حُسْنِ الخُلُق وكمال الإدراك. وأما صفته - صلى الله عليه وسلم - في بعض الكتب المتقدِّمة بأنه: "الضَّحوك القتَّال" فالمراد به: أنه لا يمنعه ضَحِكُه وحُسْنُ خلقِهِ إذا كان جدًا لله وحقًّا له، ولا يمنعه ذلك عن تبسمه في موضعه، فيعطي كلَّ حالٍ ما يليق بتلك الحال؛ فَتَرْكُ الضَّحِك بالكليّة مِنَ الكِبْر والتَّجبُّر وسُوء الخلُق. وكثرتُه مِنَ الخِفَّة