[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
إبراهيم، وبُشْري (1) عيسي" (2) . وطابِقْ بين هذا وبين هذه البشارات التي ذكرها المسيح. فمن الذي ساد العالَم باطنًا وظاهرًا، وانقادت له القلوب والأجساد، وأُطِيْع في السرِّ والعلانية، في محياه وبعد مماته في جميع الأعصار، وأفضلِ الأقاليم والأمصار، وسارت دعوته مَسِيرَ الشَّمس، وبلغٍ دينُه ما بلغ الليلُ والنَّهار، وخَرَّتْ لمجيئه الأُمم علي الأذقان، وبَطلتْ به عبادةُ الأوثان، وقامت به دعوةُ الرحمن، واضمحلَّت به دعوة الشيطان، وأذلَّ الكافرين والجاحدين، وأعزَّ المؤمنين وجاء بالحقِّ وصدَّق المرسلين، حتي أعلن بالتوحيد علي رؤوس الأشهاد، وعُبدَ اللهُ وحدَه لا شريك له، في كلِّ حاضرٍ وباد، وامتلأتْ به الأرضُ تحَميدًا وتكبيرًا (3) لله وتهليلًا، وتسبيحًا، واكتستْ به -بعد الظُّلْمِ والظَّلامِ- عَدْلًا ونُورًا.
وطابقْ بين قولِ المسيح: "إن أُركون العالم سيأتيكم"، وقولِ أخيه محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -: "أنا سيِّدُ وَلَدِ آدم ولا فَخر، آدم فمن دونه تحت لوائي، وأنا خطيبُ الأنبياء إذا وَفَدُوا، وإمامُهُم إذا اجتمعوا، ومبشِّرُهم إذا أَيِسُوا، لواءُ الحمدِ بيدي، وأنا أكرمُ ولدِ آدمَ علي ربيِّ" (4) .