[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
بأيدي أهل الكتاب -كما سنذكرها- ويدلُّ عليه وجوه: (الوجه الأول): أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أحرص الناس على تصديقه، واتِّباعِهِ، وإقامة الحجة على مَنْ خالفه وجَحَدَ نبوَّته، ولاسيما أهل العلم والكتاب، فإنَّ (1) الاستدلال عليهم بما يعلمون بطلانه قطعًا لا يفعله عاقل، وهو بمنزلة مَنْ يقول لرجلٍ (2) : علامةُ صِدْقي أنَّك فلانُ بن فلانٍ وصَنْعَتُك (3) كيتَ وكيتَ، وتُعْرَفُ بِكَيْتَ وكيتَ، ولم يكن الأمر كذلك، بل بضدِّه.
فهذا لا يصدُر ممَّنْ له مُسْكَةُ عقلٍ، ولا يصدِّقه أحدٌ على ذلك، ولا يَتَّبعُه أحدٌ على ذلك، بل يَنْفِرُ العقلاء كلُّهم عن تصديقه واتِّباعِهِ. والعادةُ تُحِيْلُ سكوتَهم عن الطَّعن عليه والردِّ والتهجين لقوله.
ومن المعلوم بالضَّرورةِ: أنَّ محمدَ بنَ عبدِ الله -صلوات الله وسلامه عليه- نادى مُعْلِنًا في هاتين الأمَّتين اللَّتين هما أعلم الأمم في الأرض قبل مبعثه، بأنَّ ذِكْره ونَعْتَه وصفَته بعيِبه، عندهم في كتبهم، وهو يتلو ذلك عليهم ليلًا ونهارًا، وسرًّا وجهارًا في كلِّ مجمع، وفي كلِّ نادٍ، يدعوهم بذلك إلى تصديقه والإيمانِ به؛ فمنهم من يصدِّق (4) ويؤمن به، ويخبر بما في كتبهم من نعته وصفته وذكره كما سيمر بك إن شاء الله.
وغايةُ المكذِّب الجاحدِ أنْ يقولَ: هذا النَّعْتُ والوصفُ حقٌّ، ولكن لستَ أنت المراد به بل نبيٌّ آخر!