
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
النساخ تجاسرتُ فأصلحته في المتن وأشرتُ إلى ما في الأصول في الحاشية، وما احتمل من الصواب وجهًا وثمَّ ما هو أقومُ منه أبقيته في المتن على حاله وبينتُ في الحاشية ما أراه أدنى إلى الصواب، فقد عرضتُ لك في الحالين ــ كما ترى ــ ما وقع في الأصول الخطية، لتنظر لنفسك.
وانتفعتُ غاية الانتفاع بمقابلة النصوص التي نقلها المصنف على مصادرها، فكشفَت عن وجه الصواب في مواضع كثيرة، وخلَّصت النص من غوائل التحريف، وأثبتُّ المهم من قراءاتها عند الاختلاف، ورمزتُ لبعضها
برموز إن طال النقل، كما فعلتُ بكتاب "الدلائل والاعتبار", و"توحيد المفضل", و"المقابسات", وغيرها.
وعالجتُ قراءة كثيرٍ من مشكل التراكيب والألفاظ والمصطلحات وغيرها بالمعهود من كلام المصنف في كتبه، وبكشف المظانِّ وغيرها من كتب أهل العلم.
واستعنتُ بطبعة الكتاب الأولى الصادرة عن مطبعة السعادة بمصر سنة 1323، ورمزت لها بالحرف (ط)، إذ كانت معتمدةً على نسخة المكتبة القادرية (التي تقدم وصفها) ونسخةٍ تركية أخرى لم يفصحوا عن مصدرها، وأحسب أن من قام على طبعها أعمل قلم التصحيح فيها.
وأشرتُ إشاراتٍ مختصرةً إلى ترجمة بعض الأعلام الذين قدَّرتُ أن في ترجمتهم إعانةً للقارئ على فهم النصِّ والإحاطة به، وهكذا صنعتُ في التعريف بالمواضع والبلدان.
وخرَّجتُ الأحاديث المرفوعة والآثار والأقوال والأشعار ما استطعتُ إلى ذلك سبيلًا، ولم أتكلف الحكم على أسانيد الأخبار غير المرفوعة إلا ما
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي سَهَّل لعباده المتقين إلى مرضاته سبيلا، وأوضحَ لهم طريقَ الهداية وجعل اتباعَ الرسول عليها دليلا، واتَّخذهم عبيدًا (1) له فأقرُّوا له بالعبودية ولم يتَّخذوا من دونه وكيلا، وكتَب في قلوبهم الإيمانَ وأيَّدهم برُوحٍ منه، لمَّا رضوا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ رسولا.
والحمدُ لله الذي أقام في أزمنة الفَتَرات من يكونُ ببيان سُنن المرسلين كفيلا، واختصَّ هذه الأمةَ بأنه لا تزالُ فيها طائفةٌ على الحقِّ لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمرُه ولو اجتَمع الثقلان على حربهم قَبِيلا.
يَدْعُون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، ويُحْيُون بكتابه الموتى؛ فهم أحسنُ الناس هديًا وأقومُهم قِيلا.
فكم مِنْ قتيلٍ لإبليس قد أحْيَوْه، ومِنْ ضالٍّ جاهلٍ لا يعلمُ طريقَ رُشْدِه قد هَدَوْه، ومِنْ مبتدعٍ في دين الله بشُهب الحقِّ قد رَمَوْه؛ جهادًا في الله، وابتغاءَ مرضاته، وبيانًا لحُجَجه على العالمين وبيِّناته، وطلبًا للزلفى لديه ونَيل رضوانه وجناته، فحارَبوا (2) في الله من خرج عن دينه القويم، وصراطه المستقيم، الذين عَقَدوا ألويةَ البدعة، وأطلقوا أعِنَّةَ الفتنة، وخالفوا الكتاب،