
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
توثيق نسبة الكتاب هذا هو كتاب "مفتاح دار السعادة" للإمام ابن القيم، نسبةٌ لا يخامرها ريب، ولا يزحزحها توهُّم، بل تتناصر حججُها وتتداعى شواهدُها، وهي بمجموعها قاطعةُ الدلالة، شافيةٌ كافيةٌ لذي نُهْية، وهاهي تجتاز بين يديك: فأولها: ثبوت اسم الكتاب ونسبته إلى الإمام ابن القيم على صفحات عناوين النسخ الأصلية العِتاق المدونة في عصر المصنف، وبعضها مقابلٌ على نسخته التي بخطه، وأجلُّها بخط أحد الأئمة الحفاظ المتحرِّين، وهو إسماعيل بن محمد بن بَرْدِس المتوفى سنة 784، وستأتيك صورها.
وثانيها: إحالة المصنف في تواليفه الكبار المشهورة على كتابنا هذا، وذِكره إياه باسمه، وما أحال إليه من المسائل موجودٌ فيه.
- قال في "الصواعق المرسلة" (1450): "وعلى هذا الأصل تنشأ مسألة التحسين والتقبيح، وقد ذكرناها مستوفاةً في كتاب المفتاح، وذكرنا على صحتها فوق الخمسين دليلًا". وقد استوفى بحث هذه المسألة في كتابنا وحرَّرها تحريرًا بالغًا بما لا يوجد في سائر كتبه.
- وذكر مسألة التحسين والتقبيح في "مدارج السالكين" (1/ 91)، ثم قال: "ولهذا الأصل لوازم وفروعٌ كثيرةٌ فاسدة، وقد ذكرناها في كتابنا الكبير المسمى مفتاح دار السعادة ومطلب أهل العلم والإرادة، وبينا فساد هذا الأصل من نحو ستين وجهًا، وهو كتابٌ بديعٌ في معناه".
- وذكرها مرةً أخرى في المدارج (3/ 490)، وقال: "وقد ذكرنا هذه المسألة مستوفاةً في كتاب مفتاح دار السعادة، وذكرنا هناك نحوًا من ستين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي سَهَّل لعباده المتقين إلى مرضاته سبيلا، وأوضحَ لهم طريقَ الهداية وجعل اتباعَ الرسول عليها دليلا، واتَّخذهم عبيدًا (1) له فأقرُّوا له بالعبودية ولم يتَّخذوا من دونه وكيلا، وكتَب في قلوبهم الإيمانَ وأيَّدهم برُوحٍ منه، لمَّا رضوا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ رسولا.
والحمدُ لله الذي أقام في أزمنة الفَتَرات من يكونُ ببيان سُنن المرسلين كفيلا، واختصَّ هذه الأمةَ بأنه لا تزالُ فيها طائفةٌ على الحقِّ لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمرُه ولو اجتَمع الثقلان على حربهم قَبِيلا.
يَدْعُون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، ويُحْيُون بكتابه الموتى؛ فهم أحسنُ الناس هديًا وأقومُهم قِيلا.
فكم مِنْ قتيلٍ لإبليس قد أحْيَوْه، ومِنْ ضالٍّ جاهلٍ لا يعلمُ طريقَ رُشْدِه قد هَدَوْه، ومِنْ مبتدعٍ في دين الله بشُهب الحقِّ قد رَمَوْه؛ جهادًا في الله، وابتغاءَ مرضاته، وبيانًا لحُجَجه على العالمين وبيِّناته، وطلبًا للزلفى لديه ونَيل رضوانه وجناته، فحارَبوا (2) في الله من خرج عن دينه القويم، وصراطه المستقيم، الذين عَقَدوا ألويةَ البدعة، وأطلقوا أعِنَّةَ الفتنة، وخالفوا الكتاب،