مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6458 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مادتُه من هذه الكتب الثلاثة وغيرها ورتِّبت لجاءت كتابًا لطيفًا.
ومما يتصل بذلك: الكلام في حكمة الله في أمره ونهيه والمحاسن المودعة في شريعته, وخواصُّ العباد يشهدون ذلك أعظم من شهودهم حكمة الخلق, وقد استطرد ببيان الكثير منها, وتمنى إفرادها بالتصنيف, وقال (ص: 1068): "لعل الله أن يساعد بمصنَّف في ذلك".
* ولم يزل يتكلم في بدائع الخلق حتى وصل إلى الحكمة في ستر الآجال عن العباد، فاستطرد بذكر خلاف الناس في الحكمة وتعليل أفعال الرب تعالى، وما تشهده كلُّ فرقةٍ في المعصية، وكتب فصولًا بديعةً في مشاهد الخلق في مواقعة الذنب.
وهو بابٌ جليل أحسن ابن القيم رحمه الله استفتاحه في كتبه، كما بينتُ في التعليق هناك (ص: 808)، ولو أفرد بالتصنيف لكان أهل ذلك وأحقَّ به.
فهذا هو الموضوع الثاني.
* ثم عاد إلى القول في حكمة الله تعالى، فكتب فصلًا في حكمته سبحانه في ابتلاء عباده وصفوته، ثم فصلًا في الحكمة من دينه وشريعته، واستطرد بالاستدلال والاحتجاج على حاجة الناس للشريعة وموافقتها للفطر والعقول، فساق فصولًا في بعض الحِكَم لمباني الدين وشرائعه، ولما كان ذلك يفتقر لإثبات أن في ذوات تلك الأحكام صفاتٍ وجوديةً أوجبت حُسْن المأمور به وقُبْح المنهيِّ عنه، وإلا لزم منه لوازم باطلة= استطرد في بحث مسألة التحسين والتقبيح العقليين وذيولها، وأفاض فيها بذكر أقوال الفِرَق واستدلال أصحابها ومسالكهم وما أورد على أدلة كل فريق من الاعتراضات، ثم جلس مجلس الحكومة ليقضي بالحق بينهم، فقرر مذهب

الصفحة

25/ 107

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي سَهَّل لعباده المتقين إلى مرضاته سبيلا، وأوضحَ لهم طريقَ الهداية وجعل اتباعَ الرسول عليها دليلا، واتَّخذهم عبيدًا (1) له فأقرُّوا له بالعبودية ولم يتَّخذوا من دونه وكيلا، وكتَب في قلوبهم الإيمانَ وأيَّدهم برُوحٍ منه، لمَّا رضوا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ رسولا.
والحمدُ لله الذي أقام في أزمنة الفَتَرات من يكونُ ببيان سُنن المرسلين كفيلا، واختصَّ هذه الأمةَ بأنه لا تزالُ فيها طائفةٌ على الحقِّ لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمرُه ولو اجتَمع الثقلان على حربهم قَبِيلا.
يَدْعُون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، ويُحْيُون بكتابه الموتى؛ فهم أحسنُ الناس هديًا وأقومُهم قِيلا.
فكم مِنْ قتيلٍ لإبليس قد أحْيَوْه، ومِنْ ضالٍّ جاهلٍ لا يعلمُ طريقَ رُشْدِه قد هَدَوْه، ومِنْ مبتدعٍ في دين الله بشُهب الحقِّ قد رَمَوْه؛ جهادًا في الله، وابتغاءَ مرضاته، وبيانًا لحُجَجه على العالمين وبيِّناته، وطلبًا للزلفى لديه ونَيل رضوانه وجناته، فحارَبوا (2) في الله من خرج عن دينه القويم، وصراطه المستقيم، الذين عَقَدوا ألويةَ البدعة، وأطلقوا أعِنَّةَ الفتنة، وخالفوا الكتاب،

الصفحة

3/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !