مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

14646 6

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

وإذا تأمَّلتَ أمرَ الشرائع النَّاسخة والمنسوخة وجدتها كلَّها بهذه المنزلة؛ فمنها ما يكون وجهُ المصلحة فيه ظاهرًا مكشوفًا، ومنها ما يكون ذلك فيه خفيًّا لا يُدْرَكُ إلا بفضل فطنةٍ وجودة إدراك.
فصل وهاهنا سرٌّ بديعٌ من أسرار الخلق والأمر، به يتبيَّنُ لك حقيقةُ الأمر؛ وهو أن الله لم يخلق شيئًا ولم يأمر بشيءٍ ثمَّ أبطله وأعدمه بالكلِّية، بل لا بدَّ أن يثبته بوجهٍ ما؛ لأنه إنما خلقه لحكمةٍ له في خلقِه، وكذلك أمرُه به وشرعُه إياه هو لِمَا فيه من المصلحة.
ومعلومٌ أنَّ تلك المصلحة والحكمة تقتضي إبقاءه، فإذا عارض تلك المصلحة مصلحةٌ أخرى أعظمُ منها كان ما اشتملت عليه أولى بالخلق والأمر، ويُبْقِي في الأولى (1) ما شاء من الوجه الذي يتضمَّنُ المصلحة، ويكونُ هذا من باب تزاحم المصالح، والقاعدةُ فيها شرعًا وخلقًا تحصيلُها واجتماعُها بحسب الإمكان، فإن تعذَّر قدِّمت المصلحةُ العظمى وإن فاتت الصُّغرى.
وإذا تأمَّلتَ الشريعةَ والخلق رأيتَ ذلك ظاهرًا، وهذا سرٌّ قلَّ من تفطَّن له من النَّاس (2).
فتأمَّل الأحكام المنسوخة حكمًا حكمًا، كيف تجدُ المنسوخَ لم يبطُل بالكلِّية، بل له بقاءٌ بوجه:

الصفحة

938/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !