{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وأنواع الأقذار والأوساخ والأنتان والرائحة الكريهة، ويجعل ذلك مكانَ الطَّهارة والوضوء، وأنَّ الأمرين سواء، وإنما يحكمُ بمجرَّد المشيئة بهذا الأمر دون ضدِّه، ولا فرق بينهما في نفسِ الأمر؟! وهذا قولٌ تصوُّره كافٍ في الجزم ببطلانه.
وجميعُ مسائل الشريعة كذلك آياتٌ بيِّنات، ودلالاتٌ واضحات، وشواهدُ ناطقاتٌ بأنَّ الذي شرعها له الحكمةُ البالغة، والعلمُ المحيط، والرحمة والعنايةُ بعباده، وإرادةُ الصَّلاح لهم، وسَوْقِهم بها إلى كمالهم وعواقبهم الحميدة.
وقد نبَّه سبحانه عباده على هذا، فقال:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}
، إلى قوله:
{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6]
؛ فأخبَر سبحانه أنه لم يأمرهم بذلك حَرَجًا عليهم، وتضييقًا ومشقَّة، ولكنْ إرادةَ تطهيرهم (1) وإتمام نعمته عليهم، ليشكروه على ذلك، فله الحمدُ كما هو أهلُه، وكما ينبغي لكرم وجهه وعِزِّ جلاله.
فإن قيل: فما جوابكم عن الأدلَّة التي ذكرها نفاةُ التَّحسين والتَّقبيح على كثرتها؟
قيل: قد كَفَوْنا بحمد الله مُؤنةَ إبطالها بقَدْحِهم فيها، وقد أبطلها كلَّها