
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وكذلك الرجلُ إذا استيقظ قبل طلوع الشمس وهو جُنُبٌ ولم يبق من الوقت إلا ما يسعُ لقَدْر الغُسل أو الصَّلاة بالتيمُّم؛ فإن اغتسل فاتته مصلحةُ الصَّلاة في الوقت، وإن صلى بالتيمُّم فاتته مصلحةُ الطَّهارة. فقد تقابلت المصلحةُ والمفسدة.
وكذلك إذا اغتَلَمَ البحرُ (1) بحيث يعلمُ رُكبان السَّفينة (2) أنهم لا يخلُصون إلا بتغريق شطر الرُّكبان لتَخِفَّ بهم السَّفينة؛ فإن ألقَوا شطرَهم كان فيه مفسدة، وإن تركوهم كان فيه مفسدة. فقد تقابلت المفسدتان والمصلحتان على السَّواء.
وكذلك لو أُكرِه رجلٌ على إفساد درهمٍ من درهمين متساويين، أو إتلاف حيوانٍ من حيوانين متساويين، أو شُرب قدَحٍ من قَدَحين متساويين، أو وَجَد كافرين قويَّين في حال المبارزة لا يمكنُه إلا قتلُ أحدهما، أو قَصَد المسلمين عدوَّان متكافئان من كلِّ وجهٍ في القُرب والبُعد والعَدَد والعداوة (3).
فإنه في هذه الصُّور كلِّها تساوت المصالحُ والمفاسد، ولا يمكنكم ترجيحُ أحدٍ من المصلحتين ولا أحدٍ من المفسدتين، ومعلومٌ أنَّ هذه حوادثُ لا تخلو من حكمٍ لله فيها.
وأمَّا ما ذكرتم من امتناع تقابل المصلحة والمفسدة على السَّواء، فكيف