«أبشِر، فوالله لن يخزيكَ الله أبدًا؛ إنك لتَصِلُ الرحِم، وتصدُق الحديث، وتَحْمِلُ الكَلَّ،

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فدلَّ على أنه من المستقرِّ في العقول والفِطر انقسامُ الأفعال إلى قبيحٍ وحَسَنٍ في نفسه، وأنَّ الرُّسل تدعو إلى حَسَنها وتنهى عن قبيحها، وأنَّ ذلك من آيات صِدقهم وبراهين رسالتهم، وهو أولى وأعظمُ عند أولي الألباب والحِجى من مجرَّد خوارق العادات، وإن كان انتفاعُ ضعفاء العقول بالخوارق في الإيمان أعظمَ من انتفاعهم بنفس الدَّعوة وما جاء به في الإيمان (1).
فطرقُ الهداية متنوِّعة؛ رحمةً من الله بعباده ولطفًا بهم؛ لتفاوُت عقولهم وأذهانهم وبصائرهم: * فمنهم من يهتدي بنفس ما جاء به وما دعا إليه مِنْ غير أن يطلُبَ منه برهانًا خارجًا (2) عن ذلك، كحال الكُمَّل (3) من الصَّحابة، كالصِّدِّيق رضي الله عنه.
* ومنهم من يهتدي بمعرفته بحاله - صلى الله عليه وسلم -، وما فُطِر عليه من كمال الأخلاق والأوصاف والأفعال، وأنَّ عادة الله أن لا يخزي من قامت به تلك الأوصافُ والأفعال؛ لعلمه بالله ومعرفته به وأنه لا يخزي من كان بهذه المثابة.
كما قالت أمُّ المؤمنين خديجة رضي الله عنها له - صلى الله عليه وسلم -:
«أبشِر، فوالله لن يخزيكَ الله أبدًا؛ إنك لتَصِلُ الرحِم، وتصدُق الحديث، وتَحْمِلُ الكَلَّ،