مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

14662 6

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

المَألوه، وهذا يدلُّ على أنه من الممتنع المستحيل عقلًا أن يَشْرَع اللهُ عبادةَ غيره أبدًا، وأنه لو كان معه معبودٌ سواه لفسَدت السَّمواتُ والأرض.
فقُبْحُ عبادة غيره قد استقرَّ في الفِطر والعقول وإن لم يَرِد بالنهي (1) عنه شرع، بل العقلُ يدلُّ على أنه أقبحُ القبيح على الإطلاق، وأنه من المحال أن يشرعه الله قطُّ؛ فصلاحُ العالم في أن يكون الله وحده هو المعبود، وفسادُه وهلاكُه في أن يُعْبَد معه غيرُه، ومحالٌ أن يشرع لعباده ما فيه فسادُ العالم وهلاكُه، بل هو المنزَّهُ عن ذلك.
فصل * وقد أنكر تعالى على من نسب إلى حكمته التسويةَ بين المختلفَيْن، كالتسوية بين الأبرار والفجَّار؛ فقال تعالى:

{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28]

، وقال تعالى:

{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: 21]

؛ فدلَّ على أنَّ هذا حكمٌ سيِّاءٌ قبيح، ينزَّه اللهُ عنه.
ولم ينكره (2) سبحانه من جهة أنه أخبر بأنه لا يكون، وإنما أنكره من جهة قُبحِه في نفسه، وأنه حكمٌ سيِّاءٌ يتعالى ويتنزَّهُ عنه لمنافاته لحكمته وغِنَاه وكماله ووقوع أفعاله كلِّها على السَّداد والصَّواب والحكمة، فلا يليقُ به أن يجعل البرَّ كالفاجر، ولا المحسنَ كالمسيء، ولا المؤمنَ كالمفسد في

الصفحة

886/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !