مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

8101 3

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

وإذا عُرِف هذا فقد عُلِم أنَّ ربَّ العالمين أحكمُ الحاكمين، والعالمُ بكلِّ شيء، والغنيُّ عن كلِّ شيء، والقادرُ على كلِّ شيء، ومن هذا شأنه لم تخرج أفعالُه وأوامرُه قطُّ عن الحكمة والرحمة والمصلحة، وما يخفى على العباد من معاني حكمته في صُنعه وإبداعه وأمره وشرعه فيكفيهم فيه معرفتُه (1) بالوجه العامِّ أن تضمَّنته حكمةٌ بالغة، وإن لم يعرفوا تفصيلَها، وأنَّ ذلك من علم الغيب الذي استأثر الله به، فيكفيهم في ذلك الإسنادُ (2) إلى الحكمة البالغة العامَّة الشاملة التي عَلِموا ما خَفِي منها مما ظهر لهم.
هذا، وإنَّ الله سبحانه وتعالى بنى أمورَ عباده على أن عرَّفهم معاني جلائل خلقه وأمره دون دقائقهما وتفاصيلهما، وهذا مطَّردٌ في الأشياء أصولها وفروعها.
فأنت إذا رأيتَ الرجلين ــ مثلًا ــ أحدُهما أكثر شَعرًا من الآخر، أو أشدُّ بياضًا، أو أحدُّ ذهنًا، لأمكنك أن تعرف مِنْ جهة السَّبب الذي أجرى الله عليه سُنَّة الخليقة وجه اختصاص كلِّ واحدٍ منهما بما اختصَّ به. وهكذا في اختلاف الصُّور والأشكال.
ولكن لو أردتَ أن تعرف المعنى الذي كان شَعرُ هذا مثلًا يزيدُ على شَعر الآخر بعددٍ معيَّن، أو المعنى الذي فضَّله اللهُ به في القَدْر المخصوص والتَّشكيل المخصوص، ومعرفة القَدْر الذي بينهما من التَّفاوت وسببَه؛ لما أمكن ذلك أصلًا (3).

الصفحة

862/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !