«أو منقادٌ للحقِّ لا بصيرة له في أحنائه (2)».

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
على عينه من البرق؛ خشية أن يُخْطف بصرُه، ولا يجاوزُ نظرُه ما وراء ذلك من الرحمة وأسباب الحياة الأبديَّة.
فهذا القسمُ هو الذي لم يَرْفَع بهذا الدِّين رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي هَدى به عبادَه ولو جاءته كلُّ آية؛ لأنه ممَّن سبقت له الشَّقاوة، وحقَّت عليه الكلمة، ففائدةُ إنذار هذا إقامةُ الحجَّة عليه؛ ليعذَّب بذنبه لا بمجرَّد علم الله فيه.
القسم الثَّاني: أصحابُ البصائر (1) الضعيفة الخُفَّاشيَّة الذين نسبةُ أبصارهم إلى هذا النُّور كنسبة أبصار الخفَّاش إلى جِرْم الشمس، فهم تبعٌ لآبائهم وأسلافهم؛ دينُهم دينُ العادة والمنشأ، وهم الذين قال فيهم أميرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب:
«أو منقادٌ للحقِّ لا بصيرة له في أحنائه (2)».
فهؤلاء إذا كانوا منقادين لأهل البصائر، لا يتخالجهُم (3) شكٌّ ولا ريب؛ فهم على سبيلِ نجاة.
القسم الثَّالث: وهم خلاصةُ الوجود، ولُبابُ بني آدم؛ وهم أصحابُ البصائر النَّافذة، الذين شَهِدت بصائرُهم هذا النُّور المبين فكانوا منه على بصيرةٍ ويقينٍ ومشاهدةٍ لحسنه وكماله، بحيث لو عُرِض على عقولهم ضدُّه لرأوه كالليل البهيم الأسود.