{أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
ثمَّ يسَّر عليه طرق ما هو محتاجٌ إليه من العلم أتمَّ تيسير، وكلَّما كانت حاجتُه إليه من العلم أعظمَ كان تيسيرُه إياه عليه أتمَّ.
فأعطاه معرفةَ خالقه وبارئه ومبدعه سبحانه، والإقرارَ به، ويسَّر عليه طرق هذه المعرفة؛ فليس في العلوم ما هو أجلُّ منها ولا أظهرُ عند العقل والفطرة، وليس في طرق العلوم التي تُنالُ بها أكثرُ من طرقها، ولا أدلُّ ولا أبينُ ولا أوضح؛ فكلُّ ما تراه بعينك أو تسمعُه بأذنك أو تَعْقِلُه بقلبك، وكلُّ ما يخطرُ ببالك، وكلُّ ما نالته (1) حاسَّةٌ من حواسِّك؛ فهو دليلٌ على الرَّبِّ تبارك وتعالى.
فطرقُ العلم بالصَّانع فطريَّةٌ ضروريَّة، ليس في العلوم أجلُّ منها، وكلُّ ما استُدِلَّ به على الصَّانع فالعلمُ بوجوده أظهرُ مِنْ دلالته؛ ولهذا قالت الرسلُ لأممهم:
{أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10]
؛ فخاطَبوهم مخاطبةَ من لا ينبغي أن يخطُر له شكٌّ ما في وجود الله سبحانه.
ونَصَب من الأدلَّة على وجوده ووحدانيَّته وصفات كماله الأدلَّة على اختلاف أنواعها، ولا يطيقُ حصرَها إلا الله.
ثمَّ رَكَز ذلك في الفطرة، ووضَعه في العقل جملة.
ثمَّ بَعَث الرُّسل مذكِّرين به، ولهذا يقول تعالى:
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55]
، وقوله:
{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: 9]
، وقوله:
{إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية: 21]
، وقوله:
{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ