{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ}.

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وأيضا؛ فإنَّ البكاء والعِياط (1) يوسِّعُ عليه مجاري النَّفَس، ويفتحُ العُروق ويصلِّبها، ويقوِّي الأعصاب (2).
وكم للطِّفل من منفعةٍ ومصلحةٍ فيما تسمعُه من بكائه وصُراخه! فإذا كانت هذه الحكمةُ في البكاء الذي سببُه ورودُ الألم والمؤذي وأنت لا تعرفُها ولا تكادُ تخطُر ببالك، فهكذا إيلامُ الأطفال فيه وفي أسبابه وعواقبه الحميدة من الحِكَم ما قد خَفِي على أكثر النَّاس، واضطربَ عليهم الكلامُ في حكمته اضطرابَ الأَرْشِيَة (3)، وسلكوا في هذا الباب مسالك: * فقالت طائفة: ليس إلا محض المشيئة العارية عن الحكمة والغاية المطلوبة. وسدُّوا على أنفسهم هذا البابَ جملة، وكلَّما سئلوا عن شيءٍ أجابوا بـ
{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ}.
وهذا (4) مِنْ أصدق الكلام، وليس المرادُ به نفيَ حكمته تعالى وعواقبِ أفعاله الحميدة وغاياتها المطلوبة منها، وإنما المرادُ بالآية إفرادُه بالإلهيَّة والرُّبوبيَّة، وأنه لكمال حكمته لا معقِّب لحكمه، ولا يُعْتَرض عليه بالسُّؤال؛ لأنه لا يفعلُ شيئًا سُدى، ولا خَلَق شيئًا عبثًا، وإنما يُسألُ عن فعله مَنْ خرجَ