
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وأُعِينَت حاسَّةُ اللَّمس بقوَّةٍ جعلها الله فيها تُدْرِكُ بها الملموسات، ولم تحتَجْ إلى شيءٍ من خارج، بخلاف غيرها من الحواسِّ، بل تُدْرِكُ الملموسات بلا واسطةٍ بينها وبينها؛ لأنها إنما تدركُها بالاجتماع (1) والملامسة، فلم تحتج إلى واسطة.
فصل (2) فتأمَّل (3) حال من عَدِمَ البصر، وما ينالُه من الخلل في أموره، فإنه لا يعرفُ موضعَ قدمه، ولا يبصرُ ما بين يديه، ولا يفرِّقُ بين الألوان والمناظر الحسنة من القبيحة، ولا يتمكَّنُ من استفادة علمٍ من كتابٍ يقرؤه، ولا يتهيَّأ له الاعتبارُ والنَّظرُ في عجائب مُلك الله.
هذا مع أنه لا يشعرُ بكثيرٍ من مصالحه ومضارِّه؛ فلا يشعرُ بحفرةٍ يهوي فيها، ولا بحيوانٍ يقصدُه، كالسَّبُع، فيحترزُ منه (4)، ولا بعدوٍّ يهوي نحوه ليقتلَه، ولا يتمكَّنُ من هربٍ إن طُلِبَ (5)، بل هو مُلْقٍ السَّلَم لمن رامه بأذى، ولولا حفظٌ خاصٌّ من الله له قريبٌ من حفظ الوليد وكلاءته لكان عطبُه إليه أقربَ من سلامته؛ فإنه بمنزلة لحمٍ على وَضَم (6)، ولذلك جعل الله ثوابَه إذا