مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

14653 6

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

من جنود الله، ضعيفُ الخِلْقة، عجيبُ التَّركيب، فيه خَلْقُ سبع حيوانات (1)؛ فإذا رأيتَ عساكرَه قد أقبلت أبصرتَ جندًا لا مردَّ له، ولا يحمي منه عَدَدٌ ولا عُدَّة، فلو جمع الملكُ خيلَه ورَجِلَه ودوابَّه وسلاحَه ليصدَّه عن بلده لما أمكنه ذلك.
فانظر كيف ينسابُ على الأرض كالسَّيل، فيغشى السَّهل والجبل، والبَدْو والحضر، حتى يستُر نورَ الشمس بكثرته، ويَسُدَّ وجهَ السَّماء بأجنحته، ويبلغ من الجوِّ إلى حيثُ لا يبلغُ طائرٌ أكبرُ جناحين منه.
فسَل المعطِّل: من الذي بعث هذا الجندَ الضعيفَ الذي لا يستطيعُ أن يردَّ (2) عن نفسه حيوانًا رام أخذَه بفِيه (3) على العسكر أهل القوَّة والكثرة والعَدَد والعُدَّة والحيلة، فلا يقدرون بأجمعهم على دفعه، بل ينظرون إليه يستبدُّ بأقواتهم دونهم، ويمزِّقها كلَّ ممزَّق، ويذرُ الأرض قفرًا منها، وهم لا يستطيعون أن يردُّوه ولا يحولوا بينه وبينها؟! وهذا من حكمته سبحانه أن يسلِّط الضعيفَ مِنْ خلقه الذي لا مؤنة له على القويِّ، فينتقم به منه، ويُنْزِل به ما كان يَحْذَرُه منه، حتى لا يستطيع لذلك مردًّا ولا صرفًا، قال الله تعالى:

{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص: 5 - 6].

الصفحة

718/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !