مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

14665 6

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

فسَل المعطِّل: من ألهمَها ذلك؟! ومن أرشدَها إليه؟! ومن دلَّها عليه؟! أفيجوزُ أن يكون هذا من غير مدبِّرٍ عزيزٍ حكيم، وتقديرِ عزيزٍ عليم، وتقديرِ لطيفٍ خبيرٍ بَهَرَت حكمتُه العقول، وشهدت له الفِطَر بما استودعها من تعريفه بأنه الله الذي لا إله إلا هو، الخالقُ الباراء المصوِّر، الذي لا تنبغي العبادةُ إلا له، وأنه لو كان معه في سمواته وأرضه إلهٌ سواه لفسَدَت السَّمواتُ والأرضُ واختلَّ نظامُ المُلك؟! فسبحانه وتعالى عما يقولُ الظَّالمون والجاحدون عُلُوًّا كبيرًا.
ولعلَّك أن تقول: ما حكمةُ هذا النَّبات المبثوث في الصَّحاري والقِفَار والجبال التي لا أنيسَ بها ولا ساكن؟! وتظنَّ أنه فَضْلةٌ لا حاجة إليه ولا فائدة في خلقه. وهذا مقدارُ عقلك ونهايةُ علمك؛ فكم لباريه وخالقه فيه من حكمةٍ وآية: مِنْ طُعْم وَحْشٍ وطيرٍ ودوابَّ مساكنُها حيثُ لا تراها تحت الأرض وفوقها، فذلك بمنزلة مائدةٍ نَصَبها الله لهذه الوحوش والطُّيور والدَّوابِّ تتناولُ منها كفايتَها، ويبقى الباقي كما يبقى الرِّزقُ الواسعُ الفاضلُ عن الضَّيف، لِسَعة ربِّ الطَّعام وغِناهُ التَّامِّ وكثرة إنعامه.
فصل (1) ثمَّ تأمَّل الحكمةَ البالغةَ في إعطائه سبحانه بهيمةَ الأنعام الأسماعَ والأبصار؛ ليتمَّ تناولها لمصالحها ويَكْمُل انتفاعُ الإنسان بها؛ إذ لو كانت عُمْيًا وصُمًّا لم يتمكَّن من الانتفاع بها.
ثمَّ سَلَبها العقولَ التي للإنسان (2) ليتمَّ تسخيرُه إياها، فيقودها

الصفحة

665/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !