{فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأعراف: 69].

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فجديرٌ بمن له مُسْكةٌ من عقلٍ أن يسافر بفكره في هذه النِّعَم والآلاء، ويكرِّر ذِكرَها، لعلَّه يُوقِفُه على المراد منها ما هو؟ ولأيِّ شيءٍ خُلِق؟ ولماذا هُيِّاء؟ وأيُّ أمرٍ طُلِب منه على هذه النِّعَم (1)؛ كما قال تعالى:
{فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأعراف: 69].
فذِكرُ آلائه تبارك وتعالى ونِعَمه على عبده سببُ الفلاح والسَّعادة؛ لأنَّ ذلك لا يزيدُه إلا محبةً لله وحمدًا وشكرًا وطاعةً وشُهودَ تقصيره ــ بل تفريطه ــ في القليل مما يجبُ لله عليه.
ولله درُّ القائل: قد هيَّؤُوكَ لأمرٍ لو فَطِنْتَ له ... فاربَأ بنفسِكَ أن ترعى مع الهَمَلِ (2) فصل (3) ثمَّ تأمَّل الحكمةَ في شجر اليَقْطين والبِطِّيخ والخِرْبِز (4)، كيف لما اقتضت الحكمةُ أن يكونَ حملُه ثمارًا كبارًا جُعِل نباتُه منبسطًا على الأرض؛ إذ لو انتصبَ قائمًا كما ينتصبُ الزَّرعُ لضَعُفَت قوَّتُه عن حمل هذه الثِّمار الثَّقيلة، ولنَفَضت (5) قبل إدراكها وانتهائها إلى غاياتها.