[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
من ذنبٍ مغفور، وعَثْرةٍ مُقالة، وزلَّةٍ معفُوٍّ عنها، وحاجةٍ مقضيَّة، وكربةٍ مفروجة، وبليَّةٍ مدفوعة، ونعمةٍ متجدِّدة، وسعادةٍ مُكتَسبة، وشقاوةٍ ممحُوَّة! كيف، وهو الجبلُ المخصوصُ بذلك الجمع الأعظم والوفد الأكرم الذين جاؤوا من كلِّ فجٍّ عميق، وقوفًا لربِّهم، مستكينين لعظمته، خاضعين (1) لعزَّته، شُعثًا غُبرًا، حاسرين عن رؤوسهم، يستقيلونه عثراتهم، ويسألونه حاجاتهم، فيدنو منهم، ثمَّ يُباهي بهم الملائكة؟! فلِلَّه ذاك الجبلُ وما ينزلُ عليه من الرحمة والتَّجاوُز عن الذُّنوب العِظام! ومنها: جبلُ حراءَ الذي كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يخلو فيه بربِّه (3)، ومسلم (160) من حديث عائشة." data-margin="2">(2)، حتى أكرمه الله برسالته (3) وهو في غاره، فهو الجبلُ الذي فاض منه النُّورُ على أقطار العالم، فإنه ليفخَرُ على الجبال، وحُقَّ له ذلك.
فسبحان من اختَصَّ برحمته وتكريمه من شاء من الجبال والرِّجال، فجَعَل منها جبالًا هي مِغْناطيسُ القلوب كأنها مركَّبةٌ منها، فهي تَهْوِي إليها كلَّما ذكرتْها وتهفُو نحوَها، كما اختَصَّ من الرِّجال من اختصَّه بكرامته، وأتمَّ عليه نعمتَه، ووضع عليه محبَّةً منه؛ فأحبَّه وحبَّبه إلى ملائكته وعباده المؤمنين ووَضَع له القبولَ بينهم.
وإذا تأمَّلتَ البِقاعَ وجدتَها ... تشقى كما تشقى الرِّجالُ وتَسْعَدُ (4)