
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
الانتفاع بها، ولو أفرطَت في اليُبْس ــ كالحجر والحديد (1) ــ لم يمكن حرثُها ولا زرعُها، ولا شَقُّها ولا فَلْحُها، ولا حفرُ عُيونها ولا البناءُ عليها؛ فنَقَصَت عن يُبْس الحجارة وزادت على لُيونة الطِّين، فجاءت بتقدير ربها وفاطرها (2) على أحسن ما جاء عليه مِهادُ الحيوان (3) من الاعتدال بين اللِّين واليُبوسة، فتهيَّأ عليها جميعُ المصالح.
فصل (4) ثمَّ تأمَّل الحكمةَ البالغةَ في أنْ جَعَل مَهَبَّ الشَّمال عليها الأرض." data-margin="5">(5) أرفعَ من مَهَبِّ الجنوب (6)، وحكمةُ ذلك أن تنحدر (7) المياهُ على وجه الأرض فتسقيها وترويها ثمَّ تفيض فتصبَّ في البحر؛ فكما أنَّ الباني إذا رفعَ سطحًا رفعَ أحد جانبيه وخَفَض الآخرَ ليكون مصبًّا للماء، ولو جعله مستويًا لقام عليه الماءُ فأفسده، كذلك جُعِل (8) مَهَبُّ الشَّمال في كلِّ بلدٍ أرفعَ من مَهَبِّ الجنوب، ولولا ذلك لبقي الماءُ واقفًا (9) على وجه الأرض، فمنعَ النَّاسَ من العمل والانتفاع، وقطَعَ الطُّرقَ والمسالك، وأضرَّ بالخَلْق.