
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
ساعة، فيصيرُ الآخرُ تسعَ ساعات، فإذا زاد على ذلك انحرفَ ذلك الإقليمُ في الحرارة أو البرودة إلى أن ينتهي إلى حدٍّ لا يسكنُه الإنسانُ ولا يتكوَّنُ (1) فيه النَّباتُ.
وكلُّ موضعٍ لا تقعُ عليه الشمسُ لا يعيشُ فيه حيوانٌ ولا نبات (2)؛ لفَرْطِ بردِه ويُبْسِه، وكلُّ موضعٍ لا تفارقُه كذلك؛ لفَرْط حرِّه ويُبْسِه.
والمواضعُ التي يعيشُ فيها الحيوانُ والنَّباتُ هي التي تطلُعُ عليها الشمسُ
وتغيب، وأعدلها المواضعُ التي تتعاقبُ عليها الفصولُ الأربعة، ويكونُ فيها اعتدالان: خريفيٌّ وربيعيٌّ.
فصل (3) ثمَّ تأمَّل إنارةَ القمر والكواكب في ظُلمة الليل، والحكمة في ذلك؛ فإنَّ الله تعالى (4) اقتضت حكمتُه خلقَ الظُّلمة لهدوء الحيوان وبَرْدِ الهواء على الأبدان والنَّبات، فتُعادِلُ حرارةَ الشمس، فيقومُ النَّباتُ والحيوان.
فلمَّا كان ذلك مقتضى حكمته شابَ الليلَ بشيءٍ من الأنوار، ولم يجعله ظُلمةً داجيةً حِنْدِسًا (5) لا ضوء فيه أصلًا، فكان لا يتمكَّنُ الحيوانُ فيه من شيءٍ من الحركة ولا الأعمال.