{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [فاطر: 13، الحديد: 6]

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فصل (1) ثمَّ تأمَّل الحكمةَ في مقادير الليل والنَّهار تَجِدْها على غاية المصلحة والحكمة، وأنَّ مقدار اليوم والليلة لو زاد على ما قُدِّرَ عليه أو نَقَصَ لفاتت المصلحةُ واختلَّت الحكمةُ بذلك، بل جُعِل مِكيالهما أربعةً وعشرين ساعة، وجُعِلا يتقارضان الزيادة والنُّقصان بينهما، فما يزيدُ في أحدهما من الآخر يعودُ الآخرُ (2) فيستردُّه منه.
قال الله تعالى:
{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [فاطر: 13، الحديد: 6]
، وفيه قولان (3): أحدهما: أنَّ المعنى: يُدْخِلُ ظُلمةَ هذا في مكان ضياء ذاك، وضياءَ هذا في مكان ظُلمة الآخر، فيُدْخِلُ كلَّ واحدٍ منهما في موضع صاحبه.
وعلى هذا، فهي عامَّةٌ في كلِّ ليلٍ ونهار.
والقول الثَّاني: أنه يزيدُ في أحدهما ما ينقُصُه من الآخر، فما نقَصَ منه يَلِجُ في الآخر لا يَذهبُ جملة.
وعلى هذا، فالآيةُ خاصَّةٌ ببعض ساعات كلٍّ من الليل والنَّهار في غير زمن الاعتدال؛ فهي خاصَّةٌ في الزَّمان وفي مقدار ما يَلِجُ في أحدهما من الآخر، وهو في الأقاليم المعتدلة غاية (4) ما تنتهي إليه الزيادة خمسَ عشرة