
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فصل (3)، «توحيد المفضل» (78)." data-margin="1">(1) تأمَّل خلقَ السَّماء، وارجِع البصرَ فيها كرَّةً بعد كرَّة، كيف تراها من أعظم الآيات في عُلوِّها وارتفاعها وسَعَتها وقرارها، بحيث لا تَصْعَدُ عُلوًّا كالنَّار، ولا تهبطُ نازلةً كالأجسام الثَّقيلة، ولا عَمَدَ تحتها ولا عِلاقةَ فوقها، بل هي ممسوكةٌ (2) بقدرة الله الذي يُمْسِكُ السَّمواتِ والأرض أن تزولا.
ثمَّ تأمَّل استواءها واعتدالها، فلا صَدْعَ فيها، ولا فَطْرَ ولا شَقَّ، ولا أمْتَ ولا عِوَج.
ثمَّ تأمَّل ما وُضِعَت عليه من هذا اللَّون الذي هو أحسنُ الألوان وأشدُّها موافقةً للبصر وتقويةً له؛ حتى إنَّ من أصابه شيءٌ أضرَّ ببصره يؤمرُ بإدمان النَّظر إلى الخُضرة وما قَرُبَ منها إلى السَّواد، وقال الأطبَّاء: إنَّ من كَلَّ بصرُه فإنَّه من دوائه أن يُديمَ الاطِّلاع إلى إجَّانةٍ (3) خضراءَ مملوءةٍ ماءً (4).
فتأمَّل كيف جعَل أديمَ السَّماء بهذا اللون ليُمْسِكَ الأبصارَ المتقلِّبة فيه (5) ولا يَنكَأ فيها (6) بطول مباشرتها له.