مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6468 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

تصيبَ الأرض قطرةً قطرة، قد عُيِّنت كلُّ قطرةٍ منها لجزءٍ من الأرض لا تتعدَّاه إلى غيره، فلو اجتمع الخلقُ كلُّهم على أن يخلقوا منها قطرةً واحدةً أو يحصُوا عدد القَطر في لحظةٍ واحدةٍ لعجزُوا عنه.
فتأمَّل كيف يَسُوقُه سبحانه رزقًا للعباد والدَّوابِّ والطَّير والذَّرِّ والنَّمل، يَسُوقُه رزقًا للحيوان الفُلانيِّ في الأرض الفُلانيَّة بجانب الجبل الفُلانيِّ، فيَصِلُ إليه على شدَّةٍ من الحاجة والعطش في وقت كذا وكذا.
ثمَّ كيف أودَعه في الأرض (1)، ثمَّ أخرجَ به أنواعَ الأغذية والأدوية والأقوات، فهذا النَّباتُ يغذِّي، وهذا يُصْلِحُ الغذاء، وهذا يُنْفِذُه، وهذا يُقَوِّي (2)، وهذا يُضعِف، وهذا سُمٌّ قاتل، وهذا شفاءٌ من السمِّ، وهذا يُمْرِض، وهذا دواءٌ من المرض، وهذا يبرِّد، وهذا يسخِّن، وهذا إذا حصَل في المعدة قمَع الصَّفراءَ من أعماق العُروق، وهذا إذا حصَل فيها ولَّدَ الصَّفراءَ واستحال إليها، وهذا يَدْفَعُ البلغمَ والسَّوداء، وهذا يستحيلُ إليهما، وهذا يهيِّجُ الدَّم، وهذا يسكِّنه، وهذا ينوِّمُ، وهذا يمنعُ النَّوم، وهذا يُفْرِحُ، وهذا يجلِبُ الغمَّ، إلى غير ذلك من عجائب النَّبات التي لا تكادُ تخلو ورقةٌ منه ولا عِرقٌ ولا ثمرةٌ من منافع تعجزُ عقولُ البشر عن الإحاطة بها وتفصيلها.
وانظر إلى مجاري الماء في تلك العروق الدَّقيقة (3) الضَّئيلة الضعيفة التي لا يكادُ البصرُ يُدْرِكُها إلا بعد تحديقه، كيف يَقْوَى على قَسْرِه وعلى

الصفحة

577/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !