
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
تركيبُ الذَّكر في الأنثى، ومنها ما تركيبُه تركيبُ اتصالٍ فقط، وكيف اختلفت أشكالُها باختلاف منافعها؛ كالأضراس، فإنها لما كانت آلةً للطَّحْن جُعِلَت عريضةً، ولما كانت الأسنانُ آلةً للقَطع جُعِلَت مُستدِقَّةً محدَّدة (1).
ولما كان الإنسانُ محتاجًا إلى الحركة بجُملة بدنه وببعض أعضائه للتَّردُّد في حاجته لم يجعَل عظامه عظمًا واحدًا، بل عظامًا متعدِّدة، وجعل بينها مفاصل حتى تتيسَّر بها الحركة (2)، وكان قَدْرُ كلِّ واحدٍ منها وشكلُه على حسب الحركة المطلوبة منه.
وكيف شَدَّ أسْرَ تلك المفاصل والأعضاء وربط بعضها ببعضٍ بأوتارٍ ورِباطاتٍ أنبتها من أحد طرفي العظم (3)، وألصقَ العظمَ بالطَّرف الآخر كالرِّباط له، ثمَّ جعل في أحد طرفي العظم زوائدَ خارجةً عنه، وفي الآخر
نُقَرًا غائصةً فيه موافقةً لشكل تلك الزوائد؛ ليدخُل فيها ويَنْطَبِق عليها، فإذا أراد العبدُ أن يحرِّك جزءًا من بدنه لم يمتنع عليه، ولولا المفاصلُ لتعذَّر عليه ذلك.
وتأمَّل كيفيَّة خَلْق الرَّأس، وكثرةَ ما فيه من العظام، حتى قيل: إنها خمسةٌ وخمسون عظمًا (4)، مختلفة الأشكال والمقادير والمنافع، وكيف ركَّبه سبحانه وتعالى على البدن، وجعله عاليًا عليه عُلُوَّ الراكب على مركوبه؛