مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

14654 6

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

ثمَّ قَلَبَ تلك النطفةَ البيضاء المشرقة علقةً حمراءَ تَضرِبُ إلى سوادٍ، ثمَّ جعلها مضغةَ لحمٍ مخالِفةً للعلقة في لونها وحقيقتها وشكلها، ثمَّ جعلها عظامًا مجرَّدةً لا كسوةَ عليها، مباينةً للمضغة في شكلها وهيئتها وقَدْرِها وملمسها ولونها.
وانظر كيف قسَّم تلك الأجزاء (1) المتساوية المتشابهة إلى الأعصاب والعظام والعُروق والأوتار واليابس والليِّن، وبَيْن ذلك، ثمَّ كيف رَبَط بعضها ببعضٍ أقوى رباطٍ وأشدَّه وأبعدَه من الانحلال (2).
وكيف كساها لحمًا ركَّبه عليها، وجعله وعاءً لها وغشاءً وحافظًا، وجعلها حاملةً له مقيمةً له؛ فاللحمُ قائمٌ بها وهي محفوظةٌ به.
وكيف صوَّرها فأحسنَ صُوَرها، وشقَّ لها السَّمعَ والبصرَ والفمَ والأنفَ وسائر المنافذ، ومَدَّ اليدين والرِّجلين وبسطهما، وقسَّم رؤوسَهما بالأصابع، ثمَّ قسَّم الأصابعَ بالأنامل، وركَّب الأعضاءَ الباطنة من القلب والمعدة والكبد والطِّحال والرِّئة والرَّحِم والمَثانة والأمعاء، كلُّ واحدٍ منها له قَدْرٌ يخصُّه ومنفعةٌ تخصُّه.
ثمَّ انظر الحكمةَ البالغة في تركيب العظام قِوامًا للبدن وعِمادًا له، وكيف قدَّرها ربُّها وخالقُها بمقاديرَ مختلفةٍ وأشكالٍ مختلفة؛ فمنها الصَّغيرُ والكبير، والطَّويلُ والقصير، والمُنْحَني والمستدير، والدَّقيقُ والعريض، والمُصْمَتُ والمُجَوَّف، وكيف ركَّب بعضها في بعض؛ فمنها ما تركيبُه

الصفحة

541/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !