{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وقال تعالى:
{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]
، جَعَل سبحانه مراتبَ الدعوة بحسب مراتب الخلق: * فالمستجيبُ القابلُ الزَّكِيُّ (1) الذي لا يعاندُ الحقَّ ولا يأباه، يُدْعى بطريق الحكمة.
* والقابلُ الذي عنده نوعُ غفلةٍ وتأخُّر، يُدْعى بالموعظة الحسنة، وهي الأمرُ والنهيُ المقرونُ بالرغبة والرهبة.
* والمعاندُ الجاحدُ، يجادَلُ بالتي هي أحسن.
هذا هو الصحيحُ في معنى هذه الآية، لا ما يزعمُ أسيرُ منطق اليونان أنَّ الحكمةَ قياسُ البرهان وهو دعوةُ الخواصِّ، والموعظةَ الحسنةَ قياسُ الخطابة وهو دعوةُ العوامِّ، والمجادلةَ بالتي هي أحسنُ القياسُ الجَدَلي وهو ردُّ شَغَب المشاغِب بقياسٍ جدليٍّ مسلَّم المقدِّمات!
وهذا باطل، وهو مبنيٌّ على أصول الفلسفة، وهو منافٍ لأصول المسلمين وقواعد الدِّين من وجوهٍ كثيرةٍ ليس هذا موضع ذكرها (2).
وقال الله تعالى:
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108].
قال الفرَّاء (3) وجماعة: {وَمَنِ اتَّبَعَنِي} معطوفٌ على الضمير