مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10902 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

فما لصاحب اللذَّات وما لدرجة وراثة الأنبياء! فَدَعْ عنك الكتابةَ لست منها ... ولو سَوَّدْتَ وجهَك بالمِدادِ (1) فإنَّ العلمَ صناعةُ القلب وشُغْلُه؛ فما لم يتفرَّغ لصناعته وشغله لم يَنلْها، وله وِجْهَةٌ واحدة؛ فإذا وُجِّهَت وِجْهَته إلى اللذَّات والشهوات انصرفَت عن العلم.
ومن (2) لم تغلِبْ (3) لذَّةُ إدراكه للعلم وشهوتُه على لذَّة جسمه وشهوة نفسه لم ينل درجةَ العلم أبدًا، فإذا صارت شهوتُه في العلم ولذَّتُه في إدراكه رُجِيَ له أن يكون من جملة أهله.
ولذَّةُ العلم لذَّةٌ عقليَّةٌ روحانيَّةٌ من جنس لذَّة الملائكة، ولذَّةُ شهوات الأكل والشراب والنكاح لذَّةٌ حيوانيَّةٌ يشاركُ الإنسانَ فيها الحيوان، ولذَّةُ الشرِّ والظلم والفساد والعلوِّ في الأرض شيطانيَّةٌ يشاركُ صاحبَها فيها إبليسُ وجنودُه.
وسائرُ اللذَّات تبطلُ بمفارقة الروح البدن، إلا لذَّةُ العلم والإيمان، فإنها تَكْمُلُ بعد المفارقة؛ لأنَّ البدنَ وشواغلَه كان يَنْقُصها ويقلِّلها ويحجُبها، فإذا انطوت الروحُ عن البدن التذَّت لذَّةً كاملةً بما حصَّلته من العلم النافع والعمل

الصالح؛ فمن طلب اللذَّةَ العظمى، وآثر النعيمَ المقيم، فهو في العلم والإيمان اللذَين بهما كمالُ سعادة الإنسان.

الصفحة

400/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !