مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6771 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

والقلبُ يتواردُه جيشان من الباطل: جيشُ شهوات الغيِّ، وجيشُ شبهات الباطل. فأيما قلبٍ صغا إليها وركنَ إليها تَشَرَّبها وامتلأ بها، فينضحُ لسانُه وجوارحُه بمُوجَبها، فإن أُشْرِبَ شبهات الباطل تفجَّرت على لسانه الشكوكُ والشبهاتُ والإيرادات، فيظنُّ الجاهلُ أنَّ ذلك لسعة علمه، وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه! وقال لي شيخُ الإسلام رضي الله عنه ــ وقد جعلتُ أوردُ عليه إيرادًا بعد إيراد

ــ:

«لا تجعل قلبَك للإيرادات والشبهات مثل السِّفِنْجَة، فيتشرَّبها، فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المُصْمَتة، تمرُّ الشبهاتُ بظاهرها ولا تستقرُّ فيها، فيراها بصفائه، ويدفعُها بصلابته، وإلا فإذا أَشْرَبتَ قلبَك كلَّ شبهةٍ تمرُّ عليك صار مقرًّا للشبهات» (1)

، أو كما قال؛ فما أعلمُ أني انتفعتُ بوصيَّةٍ في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك.
وإنما سُمِّيت الشبهةُ شبهةً لاشتباه الحقِّ بالباطل فيها؛ فإنها تلبسُ ثوبَ الحقِّ على جسم الباطل، وأكثرُ الناس أصحابُ حُسْنٍ ظاهر، فينظرُ الناظرُ فيما أُلبِسَتْهُ من اللباس فيعتقدُ صحتها، وأما صاحبُ العلم واليقين فإنه لا يغترُّ بذلك، بل يجاوزُ نظرَه إلى باطنها وما تحت لباسها، فينكشفُ له حقيقتُها.

الصفحة

395/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !