مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6503 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

فإنَّ القلبَ يجري مجرى مرآةٍ منصوبةٍ على جدار، وذلك الجدارُ مَمرٌّ لأنواع المُشْتَهَيات (1) والملذوذات والمكروهات، فكلَّما مرَّ به شيءٌ من ذلك ظهرَ فيه أثرُه.
فإن كان محبوبًا مُشْتَهًى مال طبعُه إليه، فإن لم يقدر على تحصيله تألم وتعذَّبَ بفَقْده، وإن قدرَ على تحصيله تألم في طريق الحصول بالتعب

والمشقَّة ومنازعة الغير له، ويتألم حال حصوله خوفًا من فراقه (2)، وبعد فراقه حزنًا على ذهابه.
وإن كان مكروهًا له ولم يقدر على دفعه تألم بوجوده، وإن قدرَ على دفعه اشتغل بدفعه، ففاتته مصلحةٌ راجحةُ الحصول، فيتألم لفواتها.
فعُلِمَ أنَّ هذا القلبَ أبدًا مستغرقٌ في بحار الهموم والغموم والأحزان، وأنَّ نفسَه تضحكُ عليه وتُرضِّيه بوزن ذرَّةٍ من لذَّته (3)، فيغيبُ بها عن شُهوده القناطيرَ من ألمه وعذابه.
فإذا حِيل بينه وبين تلك اللذَّة ولم يبقَ له إليها سبيل، تجرَّد ذلك الألمُ وأحاطَ به واستولى عليه من كلِّ جهاته، فقُلْ ما شئتَ في حال عبد قد غُيِّبَ عنه سَعْدُه وحظوظُه وأفراحُه، وأُحْضِرَ شِقْوتَه وهمومَه وغمومَه وأحزانَه. وبين العبد وبين هذه الحال أن يُكشفَ (4) الغطاء، ويُرفعَ الستر، وينجلي الغبار، ويحصَّل ما في الصدور.

الصفحة

382/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !