مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10306 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

فلأجل مَيْل الطَّبع إلى حصول المدح والثناء والتعظيم= يحبُّ الجودَ (1) والسَّخاءَ والمكارم، ولأجل فَوْتِ القدرة الحاصلة بسبب إخراجه والحاجة المنافية لكمال الغنى= يحبُّ إبقاءَ ماله، ويكره السَّخاءَ والكرمَ والجود.
فيبقى قلبُه واقفًا بين هذين الدَّاعِيَين يتجاذبانه، ويَعْتَوِرَان عليه، فيبقى القلبُ في مقام المعارضة بينهما، فمن الناس من يترجَّحُ عنده جانبُ البذل والجود والكرم، فيُؤثِرُه على الجانب الآخر، ومنهم من يترجَّحُ عنده جانبُ الإمساك وبقاء القدرة والغِنى، فيُؤثِرُه.
فهذان نَظَران للعقلاء.
ومنهم من يبلغُ به الجهلُ والحماقةُ إلى حيث يريدُ الجمعَ بين الوجهين، فيَعِدُ الناسَ بالجود والسَّخاء والمكارم؛ طمعًا منه في فوزه بالمدح والثناء على ذلك، وعند حضور الوقت لا يَفِي بما قال؛ فيَسْخُو ويبذلُ بلسانه، ويُمْسِكُ بقلبه ويده؛ فيقعُ في أنواعٍ من القبائح والفضائح! وإذا تأمَّلتَ أحوال أهل الدنيا من الأغنياء رأيتهم تحت أسْر هذه البليَّة وهم غالبًا يَشْكُونَ ويَبْكُون.
وأما غنيُّ العلم، فلا يَعْرِضُ له شيءٌ من ذلك، بل كلَّما بَذَله ازداد ببذله فرحًا وسرورًا وابتهاجًا، والعالِمُ (2) وإن فاتتهُ لذَّةُ أهل الغِنى وتمتُّعهم بأموالهم فهم أيضًا قد فاتتهم لذَّةُ أهل العلم وتمتُّعهم بعلومهم وابتهاجُهم بها.

الصفحة

370/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !