[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
غيرُ طالبه، وبَخْتٌ قد يحرزُه (1) غيرُ جالبِه من ميراثٍ أو هبةٍ أو غير ذلك، وأمَّا سعادةُ العلم فلا يورثُك إياها إلا بذلُ الوسع، وصدقُ الطَّلب، وصحةُ النية.
وقد أحسنَ القائلُ في ذلك (2): فقُلْ لِمُرجِّي معالي الأمور ... بغيرِ اجتهادٍ رَجَوْتَ المُحالا وقال الآخر (3): لولا المشقَّةُ سادَ الناسُ كلُّهم ... الجُودُ يُفْقِرُ والإقدامُ قتَّالُ ومن طمَحَت همَّته إلى الأمور العَلِيَّة، فواجبٌ عليه أن يَسُدَّ على همَّته الطُّرقَ الدنيَّة.
وهذه السعادةُ وإن كانت في ابتدائها لا تنفكُّ عن ضربٍ من المشقَّة والكَرْه والتأذِّي، فإنها متى أُكرِهَت النفسُ عليها، وسِيقَت طائعةً وكارهةً إليها، وصبرَت على لأوائها وشدَّتها، أفضتْ منها إلى رياضٍ مُونِقَة، ومقاعدِ صدقٍ ومقامٍ كريم، تجدُ كلَّ لذَّةٍ دونها كلذَّة لعب الصَّبيِّ بالعصفور بالنسبة إلى لذَّة الملوك؛ فحينئذٍ حالُ صاحبها كما قيل: وكنتُ أرى أنْ قد تناهى بيَ الهوى ... إلى غايةٍ ما بعدَها ليَ مذهبُ