الرحمن عز وجل».

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
الرحمن عز وجل».
ومعلومٌ أنَّ سلامَه عليهم وخطابَه لهم ومحاضرتَه إياهم ــ كما في الترمذي (1) وغيره ــ لا يُشْبِهها شيءٌ قطُّ، ولا يكونُ أطيب عندهم منها، ولهذا يذكرُ سبحانه في وعيد أعدائه أنه لا يكلِّمهم، كما يذكرُ احتجابَه عنهم وأنهم لا يرونه، فكلامُه ورؤيتُه أعلى نعيم أهل الجنة، والله أعلم.
الوجه الرابع والثمانون: أنَّ الله سبحانه في القرآن يعدِّدُ على عباده من نعمه عليهم أنْ أعطاهم آلات العلم، فيذكرُ الفؤادَ والسمعَ والأبصار، ومرةً يذكرُ اللسانَ الذي يُتَرْجِمُ عن القلب.
فقال تعالى في سورة النِّعم ــ وهي سورة النحل ــ التي ذكر فيها أصولَ النِّعم وفروعَها ومتمِّماتها ومكمِّلاتها، فعدَّدَ نعمَه فيها على عباده، وتعرَّف بها إليهم، واقتضاهم شكرَها (2)، وأخبر أنه يتمُّها عليهم ليعرفوها ويذكروها ويشكروها، فأوَّلها في أصول النِّعم، وآخرُها في مكمِّلاتها، قال تعالى:
{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78]
؛ فذكر سبحانه نعمته عليهم بأنْ أخرجَهم لا علمَ لهم، ثمَّ أعطاهم الأسماعَ والأبصارَ والأفئدةَ التي نالوا بها من العلم ما نالوه، وأنه فَعَل بهم ذلك ليشكروه.