"وأما قولُه لآدم: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}: فقالت طائفة: أسكن اللهُ تعالى آدمَ - صلى الله عليه وسلم - جنةَ الخلد التي يدخلُها المؤمنون يوم القيامة. وقال آخرون: هي جنةٌ غيرُها جعلها الله له، وأسكنه إيَّاها، ليست جنة الخلد".
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
إنما كانت جنةً في الأرض في موضعٍ عالٍ منها، لا أنها جنةُ المأوى التي أعدَّها الله لعباده المؤمنين يوم القيامة.
وذكر منذر بن سعيد هذا القول في "تفسيره" عن جماعة، فقال:
"وأما قولُه لآدم: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}: فقالت طائفة: أسكن اللهُ تعالى آدمَ - صلى الله عليه وسلم - جنةَ الخلد التي يدخلُها المؤمنون يوم القيامة. وقال آخرون: هي جنةٌ غيرُها جعلها الله له، وأسكنه إيَّاها، ليست جنة الخلد".
قال:
"وهذا قولٌ تكثرُ الدلائلُ الشاهدة له، والموجبةُ للقول به؛ لأنَّ الجنةَ التي تُدْخَلُ بعد القيامة هي من حيِّز الآخرة (1)، وفي اليوم الآخر تُدْخَل؛ ولم يأتِ بعد، وقد وصفها الله لنا في كتابه بصفاتها، ومحالٌ أن يصفَ الله شيئًا بصفةٍ ثمَّ يكون ذلك الشيءُ بغير تلك الصفة التي وصفها به، والقولُ بهذا دافعٌ لما أخبر اللهُ به".
قالوا: وجدنا الله تبارك وتعالى وصَف الجنة التي أعدَّت للمتقين بعد قيام القيامة بدار المُقامة، ولم يُقِم آدمُ فيها.