: «إنَّ المعنى أنها غُلُفٌ للعلم والحكمة، أي: أوعيةٌ لها، فلا نحتاجُ إلى قولك ولا نقبله، استغناءً بما عندهم» (1)
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
كالسَّيف الذي في غِلافه، وكلُّ شيءٍ في غِلافٍ فهو أغلف، وجمعه غُلْف، يقال: سيفٌ أغلف، وقوسٌ غَلْفاء، ورجلٌ أغلَف وأقلَف: إذا لم يختتن.
والمعنى: قلوبنا عليها غشاوةٌ وغطاء، فلا تفقه ما تقولُ يا محمد ــ - صلى الله عليه وسلم - ــ. ولم يصنع شيئًا من قال
: «إنَّ المعنى أنها غُلُفٌ للعلم والحكمة، أي: أوعيةٌ لها، فلا نحتاجُ إلى قولك ولا نقبله، استغناءً بما عندهم» (1)
؛ لوجوه (2): أحدها: أنَّ {غُلْفٌ} جمعُ أغلف، كقُلْف وأقلَف، وحُمْر وأحمَر، وجُرْد وأجرَد، وغُلْب وأغلَب، ونظائره. والأغلفُ من القلوب هو الداخلُ في الغلاف. هذا هو المعروف من اللغة.
الثاني: أنه ليس من الاستعمال السائغ المشهور أن يقال:
«قلبُ فلانٍ غلافٌ لكذا»
، وهذا لا يكادُ يوجدُ في شيءٍ من نثر كلامهم ولا نظمه، ولا نظيرَ له في القرآن فيُحْمَلُ عليه، ولا هو من التشبيه البديع المُسْتَحْسَن؛ فلا يجوزُ حملُ الآية عليه.
الثالث: أنَّ نظيرَ قول هؤلاء قولُ الآخرين من الكفار:
{قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} [فصلت: 5]
، والأكنَّةُ هنا: هي الغُلُفُ التي قلوبُ هؤلاء فيها، والأكنَّةُ كالأوعية والأغطية التي تغطِّي المتاع، ومنه «الكِنانة» لغلاف السِّهام.