{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46].
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
الرؤساء الذين سلبهم الرسلُ ووارثوهم رياستَهم الباطلة، فعادَوْهُم وصدُّوا النفوسَ عن متابعتهم؛ ظنًّا أنَّ الرياسة تبقى لهم وينفردون بها، وسُنَّةُ الله في هؤلاء أن يسلبهم رياسةَ الدنيا والآخرة، ويُصَغِّرهم في عيون الخلق؛ مقابلةً لهم بنقيض قصدهم،
{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46].
فهذا موردُ احتجاج الفريقين، وموقفُ أقدام الطائفتين، فاجلس أيها المُنْصِفُ منهما مجلسَ الحكومة، وتوخَّ بعلمك وعدلك فَصْلَ هذه الخصومة، فقد أدلى
كلٌّ منهما بحججٍ لا تُعارَضُ ولا تُمانَع، وجاء ببيِّناتٍ لا تُرَدُّ ولا تُدافَع، فهل عندك شيءٌ غيرُ هذا يحصلُ به فصلُ الخطاب، وينكشفُ به لطالب الحقِّ وجهُ الصواب، فيرضي الطائفتين، ويزولُ به الاختلافُ من البَيْن؟! وإلا فخلِّ المَطِيَّ وحادِيها، وأعطِ القوسَ باريها.
دَع الهوى لأناسٍ يُعْرَفُونَ به ... قد كابدوا الحبَّ حتى لانَ أصْعَبُه (1) ومن عرف قَدْرَه، وعرف لذي الفضل فضله، فقد قَرَعَ باب التوفيق، والله الفتاح العليم.
فنقول وبالله التوفيق: كلا الطائفتين (2) ما خرجت عن مُوجَب العلم، ولا عدلت عن سَنَن الحقِّ، وإنما الاختلافُ والتباينُ بينهما من عدم التَّوارد على محلٍّ واحد، ومن إطلاق ألفاظٍ مجملة، بتفصيل معانيها يزولُ الاختلاف، ويظهرُ أنَّ كلَّ طائفةٍ موافقةٌ للأخرى على نفس قولها.