نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 101]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 101]
، فلما شبَّههم في فعلهم هذا بمن لا يعلمُ دلَّ على أنهم نبذوه عن علمٍ كفعلِ من لا يعلم، تقولُ إذا خاطبتَ من عصاك عمدًا: كأنك لم تعلم ما فعلتَ، أو: كأنك لم تعلم بنهيي إيَّاك.
ومنه ــ على أحد القولين ــ قولُه تعالى
: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل: 82 - 83]
، قال السُّدِّي:
«يعني محمدًا - صلى الله عليه وسلم -» (1).
واختاره الزجاج، فقال:
«يعرفون أنَّ أمرَ محمد - صلى الله عليه وسلم - حقٌّ ثمَّ ينكرون ذلك» (2).
وأولُ الآية يشهدُ لهذا القول.
وقال تعالى:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} [الأعراف: 175 - 176].
قالوا: فهل بعد هذه الآية بيان؟! فإنَّ هذا آتاه اللهُ آياته، فانسلخَ منها وآثرَ
الضَّلالَ والغيَّ، وقصَّتُه معروفة (3)، حتى قيل: إنه كان أوتي الاسمَ الأعظم.
ومع هذا فلم ينفعه علمُه وكان من الغاوين، فلو استلزمَ العلمُ والمعرفةُ الهدايةَ لاستلزمه في حقِّ هذا.