{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وهو سمعُ القلب، لا إدراكُ الصوت ــ، وتارةً بأنهم لا يبصرون؛ فدلَّ ذلك كلُّه على أنَّ الكفر مستلزمٌ للجهل، منافٍ للعلم لا يُجامِعه.
ولهذا يصفُ اللهُ سبحانه الكفارَ بأنهم جاهلون؛ كقوله تعالى:
{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]
، وقوله تعالى:
{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55]
، وقوله تعالى:
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]
، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا بلغ قومُه من أذاه ذلك المبلغ:
«اللهمَّ اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون» (1).
وفي «الصحيحين» عنه:
«من يُرِد الله به خيرًا يفقِّهه في الدين» (2)
؛ فدلَّ على أنَّ الفقهَ مستلزمٌ لإرادة الله الخيرَ في العبد، ولا يقال: الحديثُ دلَّ على أنَّ من أراد الله به خيرًا فقَّهه في الدين، ولا يدلُّ على أنَّ كلَّ من فقَّهه في الدين فقد أراد به خيرًا، وبينهما فرق، ودليلُكم إنما يتمُّ بالتقدير الثاني، والحديثُ لا يقتضيه= لأنَّا نقول: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جعل الفقهَ في الدين دليلًا وعلامةً على إرادة الله بصاحبه خيرًا، والدليلُ يستلزمُ المدلول ولا يتخلَّفُ