وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [النساء: 162]

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
الذي هو أحبُّ إليه من العذاب بالجوع أو بغيره.
وهنا اختُلِفَ في مسألةٍ عظيمة؛ وهي أنَّ العلمَ هل يستلزمُ الاهتداء، ولا يتخلَّف عنه الهدى إلا لعدم العلم أو نقصه، وإلا فمع المعرفة الجازمة لا يُتَصَوَّر الضلال؟ أو أنه لا يستلزمُ الهدى، فقد يكونُ الرجلُ عالمًا وهو ضالٌّ على عَمْد؟ هذا مما اختلف فيه المتكلِّمون وأربابُ السلوك وغيرهم.
* فقالت فرقة: من عرفَ الحقَّ معرفةً لا يشُكُّ فيها استحالَ أن لا يهتدي، وحيث ضلَّ فلنقصان علمه.
واحتجُّوا من النصوص بقوله تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ
وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [النساء: 162]
، فشهدَ تعالى لكلِّ راسخٍ في العلم بالإيمان، وبقوله تعالى:
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]
، وبقوله تعالى:
{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6]
، وبقوله تعالى:
{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18]
، وبقوله تعالى:
{أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} [الرعد: 19]
، قسمَ الناس قسمين: أحدهما: العلماءُ بأن ما أُنزِلَ إليه من ربِّه هو الحق.
الثَّاني: العُمْي.
فدلَّ على أنه لا واسطةَ بينهما.