مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6391 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

ولا ريب أنَّ أجلَّ معلومٍ وأعظمَه وأكبَره فهو الله الذي لا إله إلا هو، ربُّ العالمين، وقيومُ السموات والأرضين، الملكُ الحقُّ المبين، الموصوفُ بالكمال كلِّه، المنزَّه عن كلِّ عيبٍ ونقص، وعن كلِّ تمثيلٍ وتشبيهٍ في كماله.
ولا ريب أنَّ العلمَ به وبأسمائه وصفاته وأفعاله أجلُّ العلوم وأفضلُها، ونسبتُه إلى سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات، وكما أنَّ العلمَ به أجلُّ العلوم وأشرفُها فهو أصلُها كلِّها، كما أنَّ كلَّ موجودٍ فهو مستندٌ في وجوده إلى الملك الحقِّ المبين ومفتقرٌ إليه في تحقُّق ذاته وإنِّيَّته (1)، وكلُّ علمٍ فهو تابعٌ للعلم به مفتقرٌ في تحقيق ذاته إليه؛ فالعلمُ به أصلُ كلِّ علم، كما أنه سبحانه ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه ومُوجِدُه.
ولا ريب أنَّ كمال العلم بالسبب التامِّ وكونَه سببًا يستلزمُ العلمَ بمسبِّبه كما أنَّ العلمَ بالعلة التامَّة ومعرفةَ كونها علَّةً يستلزمُ العلم بالمعلول (2)، وكلُّ موجودٍ سوى الله فهو مستندٌ في وجوده إليه استنادَ المصنوع إلى صانعه، والمفعول إلى فاعله؛ فالعلمُ بذاته سبحانه وصفاته وأفعاله يستلزمُ العلمَ بما سواه، فهو في ذاته ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه، والعلمُ به أصلُ كلِّ علم ومنشؤه؛ فمن عرفَ اللهَ عرفَ ما سواه، ومن جهلَ ربَّه فهو لما سواهُ أجهل.
قال الله تعالى:

{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر: 19]

، فتأمَّل هذه الآية تجد تحتها معنًى شريفًا عظيمًا: أنَّ من نسيَ ربَّه أنساه ذاتَه

الصفحة

238/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !