مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

14899 6

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

ومعلومٌ أنَّ هذه الجهات بأسرها حاصلةٌ للعلم؛ فإنه أعمُّ شيءٍ نفعًا، وأكثره

وأدومُه، والحاجةُ إليه فوق الحاجة إلى الغذاء، بل فوق الحاجة إلى التنفُّس؛ إذ غايةُ ما يُتَصوَّرُ من فقدهما فقدُ حياة الجسم، وأما فقدُ العلم ففيه فقدُ حياة القلب والروح؛ فلا غَناءَ للعبد عنه طرفةَ عين، ولهذا إذا فُقِدَ من الشخص كان شرًّا من الحمير، بل كان شرَّ الدوابِّ (1) عند الله، ولا شيء أنقصُ منه حينئذ.
وأما حصولُ اللذَّة والبهجة بوجوده؛ فلأنه كمالٌ في نفسه، وهو ملائمٌ غايةَ الملاءمة للنفوس؛ فإنَّ الجهلَ مرضٌ ونقص، وهو في غاية الإيذاء والإيلام للنفس، ومن لم يشعر بهذه الملاءمة والمنافرة فهو لفَقْدِ حسِّه وموت نفسه، و

«ما لجرحٍ بميِّتٍ إيلامُ» (2).

فحصولُه للنفس إدراكٌ منها لغاية محبوبها، واتصالٌ به، وذلك في غاية لذَّتها وفرحتها، وهذا بحسب المعلوم في نفسه ومحبة النفس له ولذَّتها بقربه، والعلومُ والمعلوماتُ متفاوتةٌ في ذلك أعظمَ التفاوت وأبينَه، فليس علمُ النفوس بفاطرها وباريها ومبدعها ومحبَّته والتقرُّب إليه كعلمها بالطبيعة وأحوالها وعوارضها وصحَّتها وفسادها وحركاتها.
وهذا يتبيَّن بالوجه السابع والسبعين: وهو أنَّ شرفَ العلم تابعٌ لشرف معلومه، ولوثوق النفس بأدلَّة وجوده وبراهينه، ولشدَّة الحاجة إلى معرفته، وعِظَم النفع بها.

الصفحة

237/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !