«ثلاثٌ لا يَغِلُّ عليهنَّ قلبُ مسلم ... »
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
أو يكونُ المعنى: أنَّ المبلَّغ قد يكونُ أفقهَ من المبلِّغ، فإذا سمع تلك المقالةَ حملها على أحسن وجوهها، واستنبطَ فقهَها، وعَلِمَ المرادَ منها.
وقولُه - صلى الله عليه وسلم -:
«ثلاثٌ لا يَغِلُّ عليهنَّ قلبُ مسلم ... »
إلى آخره؛ أي: لا يحملُ الغِلَّ ولا يبقى فيه مع هذه الثلاثة؛ فإنها تنفي الغِلَّ والغِشَّ، وهو فسادُ القلب (1) وسخائمُه.
فالمخلصُ لله إخلاصُه يمنعُ غِلَّ قلبه، ويخرجُه ويزيلُه جملةً؛ لأنه قد انصرفت دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربِّه، فلم يبقَ فيه موضعٌ للغِلِّ والغش؛ كما قال تعالى:
{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلِصين (2)} [يوسف: 24]
، فلمَّا أخلصَ لربِّه صرفَ عنه دواعي السوء والفحشاء؛ فانصرف عنه السوءُ والفحشاء.
ولهذا لمَّا علمَ إبليسُ أنه لا سبيلَ له على أهل الإخلاص استثناهُم من شُرْطتِه (3) التي اشترطها للغواية والإهلاك، فقال:
{فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلِصين} [ص: 82، 83]
، وقال:
{رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلِصين} [الحجر: 39، 40]
، قال الله تعالى:
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ