«من دعا إلى هدًى كان له من الأجر مثلُ أجور من تبعه، لا ينقصُ ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالةٍ كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تبعه، لا ينقصُ ذلك من آثامهم شيئًا» (1).

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«من دعا إلى هدًى كان له من الأجر مثلُ أجور من تبعه، لا ينقصُ ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالةٍ كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تبعه، لا ينقصُ ذلك من آثامهم شيئًا» (1).
أخبرَ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ المتسبِّبَ إلى الهدى بدعوته له مثلُ أجر من اهتدى به، والمتسبِّبَ إلى الضلالة بدعوته عليه مثلُ إثم من ضلَّ به؛ لأنَّ هذا بذلَ قدرتَه في هداية الناس، وهذا بذلَ قدرتَه في ضلالهم، فنُزِّل كلُّ واحدٍ منهما بمنزلة الفاعل التَّام.
وهذه قاعدةُ الشريعة، كما هو مذكورٌ في غير هذا الموضع (2)؛ قال تعالى:
{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25]
، وقال تعالى:
{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13].
وهذا يدلُّ على أنَّ من دعا الأمَّة إلى غير سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو عدوُّه حقًّا؛ لأنه قَطَعَ وصولَ أجر من اهتدى بسنَّته إليه (3)، وهذا من أعظم معاداته، نعوذُ بالله من الخذلان. الوجه الخامس والأربعون: ما خرَّجا في «الصحيحين» من حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
«لا حسدَ إلا في اثنتين: رجل