{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43].

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
من ذلك الجوهر بسبب مخالطتها، فإنه يُقْذَفُ ويلقى به، ويستقرُّ الجوهرُ الخالصُ وحده.
وضربَ سبحانه مثلًا بالماء؛ لما فيه من الحياة والتبريد والمنفعة، ومثلًا بالنار؛ لما فيها من الإضاءة والإشراق والإحراق، فآياتُ القرآن تحيي القلوبَ كما تحيى الأرضُ بالماء، وتُحْرِقُ خبثَها وشبهاتها وشهواتها
وسخائمَها كما تُحْرِقُ النارُ ما يلقى فيها، وتميِّزُ زَبَدَها من زُبَدِها (1) كما تميِّزُ النارُ الخبثَ من الذهب والفضَّة والنحاس ونحوه منه.
فهذا بعض ما في المثل العظيم من العبرة والعلم، قال الله تعالى:
{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43].
الوجه الثالث والأربعون: ما في «الصحيحين» أيضًا من حديث سهل بن سعدٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعليٍّ رضي الله عنه:
«لأنْ يهديَ بك اللهُ رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم» صحيح مسلم» (2406)." data-margin="2">(2).
وهذا يدلُّ على فضل العلم والتعليم، وشرف منزلة أهله، بحيث إذا اهتدى رجلٌ واحدٌ بالعالِم كان ذلك خيرًا له من حُمْرِ النَّعَم ــ وهي خيارُها وأشرفُها عند أهلها ــ، فما الظَّنُّ بمن يهتدي به كلَّ يومٍ طوائفُ من الناس؟! الوجه الرابع والأربعون: ما روى مسلمٌ في «صحيحه» من حديث أبي